
في قلب وزارة الشباب والثقافة والتواصل، حيث تُصاغ السياسات الإعلامية وتُبنى استراتيجيات النهوض بالصورة الثقافية للمملكة، برز اسم عبدالعزيز البوزدايني كأحد الكفاءات الإدارية الهادئة، لكنه في العمق أحد الأعمدة التي ساهمت في تثبيت ركائز قطاعي الإعلام والسينما بالمغرب.
تجربة تراكمية ومسار مهني استثنائي
طيلة سنوات عمله داخل وزارة التواصل، ظل البوزدايني حاضراً في الصفوف الخلفية، رجل الظل بامتياز، يشتغل بصمت ويترك الأثر دون ضجيج. تنقل بين مختلف مديريات الوزارة، مكتسباً خبرةً نوعية قل نظيرها، ورافق عدداً من الوزراء الذين تعاقبوا على القطاع، من مصطفى الخلفي إلى محمد نبيل بنعبد الله، ثم محمد الأعرج، الحسن عبيابة، وصولاً إلى الوزير الحالي المهدي بنسعيد، الذي يضع كامل ثقته في كفاءة الرجل وقدرته على ترجمة التوجهات الوزارية إلى سياسات واقعية.
وكانت للبوزدايني بصمة بارزة في إعداد وتفعيل القوانين الجديدة لإعادة تأهيل قطاع الإعلام، مواكباً التحولات الرقمية ومتطلبات المرحلة، منفتحاً على مختلف الفاعلين، وساعياً إلى خلق توازن بين الحرية والمسؤولية في الحقل الإعلامي.
رجل المرحلة في المركز السينمائي المغربي
حين أسندت إليه مهام مدير المركز السينمائي المغربي بالنيابة، لم يكن ذلك تكليفاً عابراً، بل اعترافاً بكفاءته وقدرته على تدبير قطاع حساس يرمز لصورة المغرب الفنية والثقافية داخلياً وخارجياً.
في عهده، عرف الفيلم المغربي دينامية لافتة، سواء على مستوى الإنتاج أو المشاركة في المهرجانات الدولية. وازداد الإقبال على المغرب كموقع تصوير سينمائي عالمي، حيث احتضنت مدن مثل الداخلة تصوير أفلام دولية، كان آخرها خلال زيارة ميدانية قام بها بمعية الوزير المهدي بنسعيد، ما يعكس إيمانه بأهمية الترويج للمغرب كوجهة سينمائية عالمية.
داعم للطاقات المحلية ومكرَّم في المهرجانات
ومن أبرز ما يُحسب للبوزدايني، دعمه للسينما بالأقاليم الجنوبية، حيث أولى اهتماماً خاصاً بالإنتاجات المحلية، مقدّراً غنى وتنوع الثقافة الصحراوية. وقد تُوّج هذا الدعم بتكريمه في مهرجانات مرموقة مثل مهرجان الداخلة ومهرجان طنجة للفيلم، تقديراً لجهوده في النهوض بالقطاع السينمائي وتحديث آلياته.
بين الرحيل والتكليف الجديد
ومؤخراً، سلّم عبدالعزيز البوزدايني مقاليد المركز السينمائي للسيد عبد الله بنجلون، بعد مرحلة انتقالية ناجحة ترك فيها المركز في وضع تنظيمي ومهني أفضل. إلا أن مساره المهني لا يزال مفتوحاً على إمكانيات جديدة، فالرجل بخبرته العميقة وحنكته الإدارية يظل من الطاقات النادرة التي تحتاجها الدولة في مواقع القرار والتوجيه.
خلاصة
عبدالعزيز البوزدايني ليس فقط موظفاً سامياً، بل صانع سياسات هادئ، لا يطلب الأضواء لكنه يترك الأثر. بفضل رصانته، وقراءته العميقة لتحديات قطاعي الإعلام والسينما، ساهم في رسم ملامح جديدة لمشهد تواصلي وسينمائي يتطلع إلى المستقبل بثقة واقتدار.